تهتم مجلة سومر بنشر:

11‏/05‏/2015

الناقد/ محمود عودة في قراءة تحليلية لـ نص (على الجدار) للكاتب/ جمال الخطيب

الناقد محمود عودة / الكاتب جمال الخطيب

 الناقد/ محمود عودة في قراءة تحليلية لـ نص (على الجدار) للكاتب/ جمال الخطيب

  النّص
*****

"على الجدار"
كتبت شيئاً هناك، ربما لم تريه، مضت سنوات على ذلك، قد عدت البارحة، وشدّني الحنين. انغرستْ رصاصة في الجدار بجانب الرسالة، وما زالت صرخاتك تدوي في أذني
هل تذكرين؟ كيف استطعنا المرور بين رصاصتين..!! أطلقتُ عليه اسم "يوم الحب والحرب "، يوم خلعتِ منديلك وضمدتِ أثراً بسيطاً لجرح.
ما زالت الرصاصة غائرة في الجدار، ولم أرَ أثراً للكتابة.

القراءة
*****
قبل الدخول إلى النص أودُّ أن أقدّمَ نبذة بسيطة عن الكاتب المبدع جمال الخطيب..
هو ابن مدينة بيت لحم مهد سيدنا عيسى ابن مريم عليه أفضل الصلاة والسلام ويعيش على أرضها ويرى يومياً بأمّ عينه الانتهاكات الصهيونية ويشاهد كذلك جدار الفصل العنصري الذي شيّده العدو الصهيوني والذي حرم الكثيرين من أهلنا في الضفة الغربية من بيوتهم وأراضيهم وفرّقَ بين الأسرة الواحدة.
أعود الآن للنص .. على الجدار عنوان يجرّ المتلقي الذي يعرف معنى الجدار ليتعرّف فحوى النص، ثم يدخلنا الكاتب إلى النّص بجملة معبرة عن ذكريات قصة حب بريء "كتبت شيئاً هناك، ربما لم تريه، مضت سنوات على ذلك، قد عِدْتُ البارحة، وشدّني الحنين، انغرست رصاصة في الجدار بجانب الرسالة"
الكاتب بهذه العبارة يتحدّث عن نفسه كراوي ومؤلف، شَدّه الحنين لذكريات قصة حُبّه قبل وجود جدار الفصل العنصريّ، ذهب يسترجع ذكرياته فرأى الرسالة التي كتبها لحبيبته قبل الفراق بسبب الجدار فلم ترَ الرسالة كما قال كتبت شيئا هناك ربما لم تريه.. رأى رصاصة منغرسة في الجدار بجانب الرسالة وهي إشارة واضحة لهمجية العدو الصهيوني الذي يحاول منع الهواء عن البشر ورغم ذلك استمرت الرسالة ثابتة في مكانها وطبعاً الرسالة لم تكتب على الجدار بل كتبت على شجرة الزيتون وإن لم يذكر الراوي ذلك لأنها كتبت قبل وجود الجدار وأمّا ذكره الرصاصة في الجدار فهي لفتة بارعة من الكاتب لمقاومة الجدار وما يحمله من مآسٍ وويلات.. ثم يستمر الكاتب في ذكرياته " وما زالت صرخاتك تُدوّي في أذني "هل تذكرين؟ كيف استطعنا المرور بين رصاصتين" إنها ذكريات ماتزال تعشّش في قلب البطل وهو آخر لقاء مع حبيبته قبل أن ينتصب الجدار كسدٍّ عالٍ يحجز العواطف قبل الجسد، وطبعاً في تلك الفترة كانت الانتفاضة الثانية على أشدِّها وكانت مدينة بيت لحم وقراها أكثر انتفاضة بجماهيرها متميزة على غيرها من المدن الفلسطينية وشهِدت ملحمة حقيقية، تذكّر صرخاتها وهو يمرُّ معها بين رصاصتين غادرتين لم يسلمْ منها البطل فأصيب بجرح بسيط خلعت محبوبته منديلها عن رأسها ضمّدتْ به جرحه وهو جرح قلبيهما.
ثم يأخذنا الكاتب المبدع إلى القفلة الرائعة بتواصل مع ذكرياته أمام الجدار "ما زالت الرصاصة غائرة في الجدار ولم أر أثراً للكتابة"
بهذه القفلة الرائعة أراد الكاتب أن يؤكد للمتلقي أن المقاومة لهذا الجدار العنصري ما تزال مستمرة ولم يستطع أن يفعل أكثر من الفصل بين الأحبة ولكن الأرض لم تنفصل أبداً ولهذا لم يرَ الكتابة التي توارت خلف الجدار مع محبوبته وبقيت الذكريات غائرة في القلب كما الرصاصة الغائرة في الجدار إيحاء لإرادة الصمود جسدياً وعاطفياً.
كل التحية والتقدير للكاتب الفلسطينيّ الرائع لهذه القصة المكثفة والرائعة بتعبيراتها المسجّلة لحقبة من تاريخ النضال الشعبي الفلسطيني وأرجو من الله العلي القدير أن أكون وفِّقتُ في هذه القراءة المتواضعة للنّص الرائع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق