تهتم مجلة سومر بنشر:

12‏/06‏/2016

عسل الإبداع.. قصة قصيرة للكاتب/ أحمد منصور الخويلدي

الكاتب أحمد منصور الخويلدي




عسل الإبداع 
شيئا من الرحمة يغرب وراء الدموع. الراعي صوته يكتسي باللون الرمادي لا يكاد يصل لشيخ القبيلة. الصبيُّ اِفعلها يا أبي و إلا قتلتُ نفسي. منذ ساعات كانت وفود العشائر تزغرد لهذا اللقاء المرتقب. بعد صلاة التراويح بدأ الشعراء مهمتهم.. حضروا للتكريم.. أنهى الأول قصيدته المحفوظة للجميع، واستلمَ صينية من النحاس. ابتسمَ العاشر للأول وهو يأخذ مكانه بين الصفوف بعد استلام هديته، حينها صرخ الصبي: حرام.. حرام، شبعنا منكم، أنا أحفظُ كل ما قيل من شِعر. أين الجديد..؟! كيف تقبلون على أنفسكم وأنتم مبدعون أن تحصدوا حق الغير. هاج بعضهم في وجه الصبي، لكن صرخة الشيخ أجلستْ الأصوات بالحناجر.. عرفَ الصبي عقابه المنتظر لرفعه الصوت بمجلس الشرفاء. العادة تحتمُ تشميسه، يقصُّ الشَّعر بالمقص، ثم تغسل الرأس بالصابون ويمرّ عليها موس الحلاقة، بعدها يصبُّ عسل العجوة عليها، و يظلُّ المعاقب واقفا حتى غروب اليوم التالي. أراد الراعي أن يفتدي وحيده، فتقدم بخطوات مرتجفه كما صوته:
- أنا مَن يستحق العقوبة يا سيدي لأنني لم أحسن التربية...
- الشيخ: إذن اعطوا الصبي المقصُّ كي يقوم بالمهمةِ.
 قليلا من الشعراء وضع الصينية تحت أقدام الخجل، والكثير قذفته الشماتة بعيدا عن شاطىء الإنسانية.. الصبي يتوعد نفسه وأباه. أخيرا وبعد جدال بينهما أمسكَ الراعي بالمقصِّ.. ظل الصبىّ متسمرا، بالفجر جلسَ الحارس ليتناول وجبة السحور. الراعي يتخفى وراء الخيمة.. انشغل الحارس بأداء ركعتي الفجر.. فرّ الراعي بالصبي بعيدا عن الديار. اليوم الصبىّ انحنى ظهره، لديه من المؤلفاتِ ما يكفي لمكتبة بذاتها.. الآن يصرخُ.. يصرخُ.. ترى ماذا سيكون عقابه بيننا...؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق