تهتم مجلة سومر بنشر:

12‏/04‏/2016

قبر الخيبات.. قصة قصيرة للكاتب/ عبد السلام الإبراهيم



قبر الخيبات
آهٍ يامريم...كم احسدك على إيمانك القوي وبكل بساطة؟
وها أنتِ تنامين على سريرك وبكل سكينة..!
أتساءل: لمٓ خلقني الله متمرداً لا استسلم حتى لنفسي؟
يأكلني الصمت في حضرة الناس حتى لا أزعج أحد، وتؤرقني الأسئلة الثرثارة، العصية، المتمردة، في حضرة ذاتي .
أصدقيني القول يامريم: هل هذا نوع من الجنون؟
لا بدّ أنه الجنون ....
هل صليتِ الفجر يامريم؟ أنا لم أصليه..
لماذا لا تردين ياامرأة؟
أعلم أنك غاضبة ومرضتِ منذ أن سافر الأولاد، لكن ما الحل، لم يكن أمامي خيار، إما أن القيهم في أتون الحرب أو أجعلهم لاجئين .
لستُ خائفاً من من الحرب ياامرأة- ولكن ليس أي حرب - أنتِ تعلمين، ذهبتُ إلى حرب تشرين بعد زواجنا بثلاثة أشهر وعدتُ جريحاً .
ما أجمل تلك الرصاصة التي اخترقتْ كتفي، أذكر لحظتها تماماً، وكأنها تخترقني الآن.... انقضضتُ على المربض الإسرائيلي وأنزلت علمهم ومزقته، شعرتُ وقتها بسهم حار يخترق كتفي.
هههه .. أعلم أنك ستقولين كالعادة: صدّعتنا ببطولاتك، ولكن والله يامريم، لم أشعر أني رجل إلا تلك اللحظة وليتها اخترقت قلبي لأموت وأنا رجل ولا أعود لحياة رجل مخصي .
آهٍ يامريم ثلاثون عام وأنا كأم العروس، أرمي بقدميّ ويديّ في الهواء مهرولاً إلى المدرسة، أنحتُ في عقول الأولاد عن الوطن عن فلسطين عن الشعراء الفرسان عن الأمجاد .
والنتيجة.. خيبة إثر خيبة لا وطن ولا فلسطين ولا أبناء ولا هم يحزنون .
حتى أنتِ يامريم، خيبتي الكبرى، بل ليتك ذهبتِ مثلهم بصمت، ولكن هيهات، ليس من عادتك أن تفعلي شيئا بصمت وأنت الثرثارة النكدة.
هيا قومي ياامرأة، فضحتني سيسمع صوتي كل من في المشفى .
هل تعاقبيني بموتك لأحفر قبركِ بيديّ؟
آه يامريم... كم سيكون القبر كبيرا ليتسع لكل خيباتي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق